هذا كُل ما في الأمر


   عندما أكون معك، كل شيء يتوقف. منذ اللحظة الأولى التي التقينا فيها، لقاء لا يأخذ الا على محمل الخيال، و كل شيء متوقف. الهواء، الماء، الطائر الحالم المحلق، الشاب المتعجرف، الأرنب النطاط، الجبان الخائف، كذلك الجبان الهارب؛ كل شيء متوقف منذ تلك اللحظة التي التقينا فيها. لا أعلم سبب توقف الأشياء و الكائنات و اللا شيء كذلك؛ لكن ما أعلمه توقعاً مني، توقف تلك الأشياء كانت من أجلنا و لأجل هول لقائنا؛ احتراماً كان أم استغراباً أم استصغار، و لا أعلم تماماً لمَا! كل ما أعلمه أن كل شيء توقف في لحظة لقائنا. كل شيء توقف و لم يعد هنالك من شيء يمارس حركته؛ الكل بلا استثناء متوقف. لكن الآن؛ الآن و بعد هذا كله بدأت أتساءل: هل حقاً الأشياء توقفت لأجلنا؟ أ توقف ضدنا؟ أم أنها منذ البداية كانت لا تتحرك و لا تمارس شيئاً، كانت كذلك متوقفة على الدوام؟ نعم متوقفة على الدوام و لا تفعل شيئاً! اذاً لما التقينا؟ حسناً لنفترض أننا لم نلتقي، اذاً لما افترقنا؟ لما الأشياء لم تشهد علينا؟ أو على الأقل شهدت ضدنا في فراقنا؟ لمَا لم يكون لصدى لقاءنا وقع على أحدهم؟ حسناً، لم نلتقي منذ البداية، لنفترض ذلك فحسب؛ أ حقاً كان للقائنا وقعٌ يذكر؟ صحيح نحن لم نلتقي كما افترضنا مسبقاً! لكن لمَا لم يكن لفراقنا وقع على أحدهم؟ لا يفترض بنا أن نفترض أننا لم نفترق كذلك، نحن افترقنا حقاً، لكن هل كان لإفتراقنا وقع على أحدهم أو صدى مدوي يسمع/يُشعَر؟ ليس شرطاً أن يتصف بالدوي، لنقل صدى فحسب، ألم يسمعه أحد؟ ألم يشعر به أحدهُم؟ على أقل تقدير، أوَ لم يستشعرهُ أحد ما شفقةً؟ ربما يكون قد أمكنه منع حدوث إفتراقنا اذ هو شعر أو أحس في أي لحظة كانت! قد يكون أحدث فرقاً ما! قد نكون الآن غير مفترقين! أو حدث فراقنا حقاً؟ ألا تزال الأشياء متوقفة حتى بعد فراقنا؟ لا يعقل ذلك! لم يحدث أن التقينا كما إفترضنا، لكننا إفترقنا! لما لم تعد الأشياء تمارس ما كانت تمارس عادة؟ أم أنها لم تكن تمارس شيئاً في بادى الأمر؟ يبدو كذلك، لم تكن تمارس شيئاً في بادى الأمر! هي كانت متوقفة على الدوام، كل شيء كان متوقف على الدوام، قبل  اللحظة الأولى التي التقينا فيها، لقاء لا يأخذ على محمل الجد، و كل شيء كان متوقف؛ الهواء، الماء، الطائر النائم المحلق، الشاب المتحفظ، الغزال النطاط، الجبان المتهور، حتى الجبان المتكبر! كل شيء كان متوقف منذ البداية كما يبدو! هل حدث و أن التقينا؟ لا لم نلتقي كما إفترضنا، لكن هل حدث و أن إفترقنا؟ لا أستطيع أن أنكر، نحن افترقنا بالطبع، نحن افترقنا حقاً! لكن من افترق عن الآخر؟ يبدو أنه أنت من رحل و أحدث الإفتراق! لا أستطيع أن أأكد ذلك، لكن ربما أنت من فعل ذلك! و ربما أكون أنا، ما المانع قد أكون أنا من فعل ذلك! بالطبع قد أكون أنا من أحدث الافتراق! هذا صحيح، أنا من أحدث الافتراق! و أنت تعلم جيداً أنني لم أعني ذلك! لا أبرر خطيئتي و لا أنكر فعلتي، و أنا لا أتحاشى عن جرمي، لكنني لم أقصد ذلك! حقيقة لم أقصد فعل ذلك! لم أكن أنوي أن أحدث افتراقاً! لم أكون أنوي الافتراق! لم أكن أنوي أن أفترق عنك و منك، لكن حدث و افترقت عنك و منك! حدث و افترقت إليك و عليك! حدث و افترقنا! حدث و أن افترقت عنك دون قصد مني! لا أبرر! أنا لا أبرر! صدقني! لم أكن أنوي الا أن أكون أنت و لك! منك و اليك! عنك و عليك! لم أكن أنوي سواك أنت و أنا! فقط أنت و أنا! لم أكن أنوي غيرك و أنا! لكن حدث و افترقنا، حدث و أن افترقت! حدث و أن غلبني الموت! حدث و أن غلبني الموت! إنه الموت! حدث و أن ابتلعني قبلك، حدث و أن ابتلعني قبلك سواك، حدث و أن ابتلعني قبلك عنك! هو الموت! حدث و أن متُ يا حبيب! حدث أن مت!

 

أضف تعليق