اقتباس (3): حليب أسود


حليب أسود

الكتاب: حليب أسود
النوع: سيرة ذاتية
عدد الصفحات: 397
التقيّيم: 3.49  
الآراء والأفكار: GoodReads

 

 

احترتُ كثيرًا في تقييم هذا الكتاب فور ما انتهيتُ من قراءته. أأمنحهُ أربعًا أم خمسًا مكتملات من النجوم؟

بدايةً، قد اقتنيت هذا الكتاب على أنه رواية، وحين بدأت بها أعجبتُ في اللغة في بادئ الأمر، وبدا لي الكتاب شيئًا فشيئًا يظهر على صورته الحقيقة، إذ أنه ليس برواية.

أصبتُ بالغم جراء ذلك، وندمتُ على البدء في قراءته، توقفتُ وقرأت كتبٌ أُخر. ونادتني بعد حين اللغة اللذيذة فيها، لم أقاوم، لبيتُ النداء، وعدتُ أقرأ وأستكمِلُها من حيث توقفت.

شيئًا فشيئًا، غرقتُ وما عدتُ أقوى على التوقف من القراءة.

ما هذا؟

فور ما انتهيتُ من قراءته، انتابني شعورٌ غريب حينئذ، وكأنيّ أقول: “لو أن أليف شفاق أمي، لكم أتمنى ذلك”. كنتُ أقول ذلك فعلًا.

يا إلهي! إلى أيّ مدى وصلتُ إليه في قراءة هذا الكتاب؟

لربما لستُ أمًا أتمناها، لربما في لحظة طائشة كانت هذه الأمنية؛ بيد أنّي لا أزال أقول لو أنها تقربني بالدم، لو أنيّ أعرفها على أقل تقدير قريبةً مني وإن حضورًا وحسب.

آه يا أليف شفاق، إلى أي مدى وصلتِ إليه مني في كتابكِ هذا؟ ولأي مدى وصلتُ إليه معكِ في كتابكِ هذا؟

أيعقَل بعد كل هذا أن أزال في حيرة بشأن تقييمي له؟

بالطبع لا. مُؤكد.

 

اقتباسات:

ليسَ الحسد إحساسًا بسيطًا. عُذرًا. الحسد معضلة فلسفيةٌ عميقة. في الحقيقة، إنه مهمٌ إلى درجة التأثير في مجرى تاريخ العالم. لقد أعادَ “جان بول سارتر” جذرَ العنصريّة والخوف من الغرباء إلى الحسد.
بمعنى، أنكِ لو انجبتِ طفلًا، ستظلّين في حسَد دائمٍ من النساء اللائي لم يُنجبن ووضعن كامل تركيزهن في أعمالهن الإبداعية. وفي المقابل، لو اخترتِ أن تصُبي كاملَ حياتك في مهنتك، فستحسدين النساء اللائي أنجبن. لا يهم أيّ درب تسلكين، ستجدين عقلك في هوسٍ دائمٍ بشأن الدرب الذي أهملتِ اختياره.
يكمُنُ الحسَد في جذر خوفنا الوجوديّ. اُنظري إلى تاريخ بني آدم، كل تلك الحروب وذاك الخراب. هل تعرفين ما الذي قالوه عندما توقّفت الحرب العالمية الأولى؟ قالوا إنّها الحربُ التي ستُنهي كل الحروب! وبالطبع لم يحدث ذلك. لم تنتهِ الحروب لأنّ هناك ظُلمًا وتفرقة، وبدلًا من الانشغال بحلّ لذلك، أنتجنا سُلطةً ذات عوائد اقتصادية غير متساوية، تسبّبت في اشتباكاتٍ عِرقية ودينية. ونحنُ إلى الآن موعودون بمزيدٍ من التعارضات التي لم نعرف لها مثيلًا في التاريخ.

يبدو لي أننا نسينا كيف نطلب المساعدة عندما نحتاج إليها.

أينما يكون ضعف الإيمان، ينتج الخسران.

تتسعُ الحياة وتضيقُ بقَدر إقدامنا عليها.

ذلك الّذي لا يرغبُ في شيء، ولا يأملُ في شيء، ولا يخافُ من شيء، لا يستطيعُ أن يصيرَ فنّانًا.

الظروف تدرّسنا كيف نولّد حشدًا غفيرًا من الدلالات بكلماتٍ قليلة.

ليس في الكون صدف، بل علامات، هل تستطيعين فهمّ العلامات؟

الرواية بناءٌ منطقيٌّ في أغلبها، عملٌ دماغيٌّ يتطلّب مهارات هندسيّةً وتخطيطية.

التغيُّر والتغيير أبجديّة الحياة. ليس القسم بالبقاء معًا (حتى يفرّقنا الموت) سوى فنتازيا ضدّ جوهر الحياة.

أكثرنا قوّة وثقة هُنّ في الحقيقة أكثرنا هشاشة.

المرأة لا تصير أمًّا بمُجرّد الإنجاب.

الرواية هي أكثر الآداب وِحدَة، كما قال مرّة (والتر بنجامين).

في أحد الأيّام، كان جُحا يعمل في حقل بطّيخ، عندما توقف ليرتاح قليلًا تحت شجرة جوز. همسَت له نفسه وهو ينظر إلى أعلى: (ربّي، إنّني حقًا لا أفهم أساليبك في الحياة. لماذا جعلتَ هذا البطّيخ الضخم، ينمو قريبًا من الأرض على أغصان نحيفة وضعيفة، وتُعلّق هذا الجوز الصغير القليل على أغصانٍ ثخينة؟ أما كان أجدى لو عكستَ الأمر؟) وفورَ انتهائِه من حديث النفس هذا، هبّت ريحٌ قويّة وتساقط بعض الجوز من الشجرة على رأسه. فصرخَ جُحا من الألم. وهكذا عرف خطأه، وهوَ يُدلّك رأسه من أثر الكدمات. قال: (إلهي أرجو أن تسامح لساني السليط، الآن فقط عرفتُ لماذا لم تُدلي البطيخَ من الأشجار، فلو أنك وضعتَ البطّيخ مكان الجوز، لما كنتُ الآن على قيد الحياة. دع كلّ شيء في مكانه، أرجوك، فأنتَ أعلَم مني بكلّ شيء).

أضف تعليق