فراغ (14)


فراغ (14)

 

حين تسقط أرضًا. الأمر لا يتعدى ضربة مؤلمة تصلك جراء سقوطك ذاك الّذي فاجأك. تتألم، تعض طرف شفتك ماسحًا بيدك على الجزء الذي سقطت عليه من جسدك وآلمك إثر سقوطك عليه ذاك. تتنفس من الهواء بجانبك، تسحب  ما يلهمك قوة الوقوف من جديد. تقف، تبتسم، يعاودك شعور الألم وتعض على طرف شفتيك وتنفجر ضاحكًا من سقوطك والذي كان قد فاجأك!

بينما حين تسقط أرضًا على مهل فجاءةً. الأمر يتعدى ألمًا تشعر به إثر مهل السقوط. تسقط على مهلٍ شديد. جزءًا جزءًا، رويدًا رويدًا. يتوقف كل شيء من حولك بأعينٍ مفتوحةٍ على وسعها ليلتقطوا بها مشهد مَهل سقوطك غير مبالين بالألم الذي يسحبك شيئًا فشيئًا في كل مهل تقترب فيه إلى الأرض من تحتك. ببطء شديد، يلسعك الألم ملتقطًا بعينيك كل وجع اعتصر فيه قلبك ذات مرة محوته بتجاهلك من غير علاج. هكذا من غير حسبان، تفاجئك الأرض بندائها إليك، هلم تعال، عليّ ارتمي؛ تلك التي ما يكون منها غير خداع المكان.

تميل على جنبك باستقامة لا تقتدر فيه بالتقاط أي بروز قريبٍ منك تتجنب به من السقوط الّذي يشد بك نحو الأسفل بطراوة. تشيح ببصرك على المكان تلوذ لما يسعفك من السقوط ولا شيء غير أعينٍ عليك مأهولة ترتقبك. تستنجد، أحدٌ ما، أرجوكم، إنّي أسقط، على مهلٍ، رويدًا رويدًا أسقط. يرتد صدى رجاءك عليك بارتجافٍ ووجل يستنجدك من وهل ما ردَه. تزداد زاوية ميلانك. تعبث بالهواء بلا وجه تلتقطه لعله ينجيك من ألم يشدك إلى الأسفل. تنادي، تصرخ، تلجم، تستغيث.

يرتطم بإذنك صوت ارتطام أولك بالأرض ساحبًا إياك بارتطامه تاليك بكل ما أوتي من وجع ووجس. ترتعش، ترتجف. يشتد خوفك تهذي، تنادي، تنحب. يغشى المكان ظلامًا في عينيك. يغشاك نجس. تمرمر: أمُوت؟ أأموت؟

ترتعش، يزداد حديث أسنانك واصطكاكه. ينخر رأسك. ترتخي يداك. تتكور. تنحب تصرخ. تسيل عليك، تذوب، تثيرك، تشد عضدك. تشتد. ترتطم. تغوص وتنسحب.

هكذا، كأن لا شيء كان. تنسحب، إما للحياة قُدمًا وإمَا من الحياة قدومًا.

أضف تعليق