اقتباس (1): مادونا، صاحبة معطف الفرو


مادونا، صاحبة معطف الفرو

 

الكتاب: مادونا، صاحبة معطف الفرو

النوع: رواية

عدد الصفحات: 224

التقيّيم:  4.53

الآراء والأفكار: GoodReads

الحقيقة أنيّ أتعجبُ من هذه الرواية التي كُتِبت مذ ما يقارب السبعين عامًا. أتعجبُ كيف لا نَزَال نحن البشر لم نتغيّر عما كنا عليه مذ سبعين عامٍ خلى، ولربما أكثر من ذلك بكثير لا يحصى. فهذه الرواية بالرغم من أنها كانت رومانسية من الدرجة الأولى كما بدا لمعظم القارئين غيري، إلّا أنها كانت بالنسبة لي اجتماعية، فلسفية لحدٍ ما. تُبدي للقارئ ما للنفس البشريّة من مكامن وغرائز عجيبة.

عجيبٌ أنَّا لم نبدي تغيرًا عما كنا عليه رغم كل التطور التكنولوجي الذي بلغناه. فجلّ ما كان في الرواية من فلسفة ومنعطفاتٍ اجتماعيّة، تلائمُنا تمامًا في عصرنَا هذا. وكأن الرواية كتِبتْ في هذا العصر لا مذ ما يقارب السبعين عام.

حين تقرأ هذه الرواية، ينتابك شعور الراحة والطمأنينة ولا تدرك لِم يحدث معك ذلك. إن هذه الرواية تصنف لدي من ضمن الروايات التي سوف لن تتكرر. بالرغم من أنه ليس ثمّة فكرة مذهلة في قصتها، إلّا أن الحبكة، السرد، أسلوب الكتابَة فيها وأشياءٌ أخرى، كفيلةٌ بأن تجعلها مصنّفة لديّ ضمن الروايات التي سوف لن تتكرر.

كانت حقًا رواية لطيفة، نقيّة، صافية، تصل بك لحدّ الراحة والسعادة في قراءتها. حتمًا، سأعود أقرأ فيها مرّة أخرى باستمتاعٍ بالغٍ جدًا.

اقتباسات:

– أنا إنسانة أعيش في داخل رأسي أكثر مما أعيش في العالم الخارجي.

– منذ طفولتي كنت أخاف دائمًا من الإسراف في السعادة، آملًا أن أخبئ بعضًا منها لأوقاتٍ أخرى.

– الإنسان يعتاد سريعًا ويصبر على الأشياء التي كان يظن بأنه لن يتحملها أبدًا.

 – كلّما ازدادت حاجتي إلى الناس، ازدادت معها رغبتي في الهروب منهم أيضًا.

 – الناس -لسببٍ ما- يُفضلون ما ألفوه وعرفوه مسبقًا على ما يمكن أن يكتشِفوه.

 – ليس للعشق عندي مفهومٌ مجرد وواضح، كل أشكال المودة والتحابّ والتعاطف التي تظهر في علاقات النّاس ببعضهم هي في النهاية شكلٌ من أشكال العشق. الإسم والشكل فقط هما ما يتغير بحسب الظرف الذي يكونان فيه. عدم إعطاء الحب الذي يكون بين الرجل والمرأة اسمه الحقيقي ما هو إلا خداعٌ لأنفسنا.
— لا يا رفيق، لا.. العشق ليس كما تقول مجرد تعاطف بسيطٍ أو محبةٌ عميقة. العشق شيءٌ مختلفٌ تمامًا، إنه إحساسٌ لا نستطيع تحليله، كما أننا لا نعرف من أين يأتي، لا نعرف أيضًا إلى أين يهرب في يوم من الأيام. بينما الصداقة باقية، ومرتبطةٌ بالتفاهم. نستطيع أن نستعرض كيف بدأَت، ولو انتهت أيضًا فنستطيع أن نحلّل أسباب انتهائها. العشق شيءٌ لا يمكن تحليله. ثم فكر معي، كلنا لنا أناسٌ يعجبوننا في هذه الدنيا، أنا مثلًا لدي عددٌ من الأصدقاء الذين أحبهم صدقًا، -أستطيع أن أخبرك بأنك تأتي في مقدمتهم-، الآن هل أُعتبر عاشقةً لهم جميعهم؟

– حياتنا هي لعبةٌ بيدِ تفاصيل جانبيةٍ صغيرة، لأن الحياة أصلًا عبارةٌ عن تفاصيل وتفرعاتٍ جانبية. منطقنا ومنطق الحياة لا يتلائمان مع بعضهما أبدًا. قد تنظر إمرأةٌ من نافذة القطار إلى الخارج، فتدخل ذرة فحم إلى عينها، فتفرك عينها لا إراديًا، فتتسبب هذه الحادثة الصغيرة بجعل إحدى أجمل العيون في العالم عمياء. أو أن قرميدًا قد يتلاعب بها الهواء فتسقط على رأس أحدٍ وتشجه. ما هو الأهم، العين أم الفحمة؟ القرميد أم الرأس؟ وكما أن هذه الأسئلة لا تطرأ على بالنا أبدًا، وكما نحن نتقبلها من دون تفكير وتفحص، فإننا كذلك مجبرون على تحمل كثير من سخافات الحياة.

– كل مرارات الحياة وكل ما يُخسر فيها من أشياء ثمينة وثروات يُنسى مع الزمن إلا الفرص المفوّتة فإنها لا تُنسى أبدًا في كل مرة يتذكرها المرء فإن شيئًا بداخله يعذبه. سبب ذلك على كل حال هو الاعتقاد بأنه كان من الممكن أن يكون الوضع مختلفًا، وإلا فالإنسان مستعد دائمًا لتقبل ما يلقيه عليه القدر.

– علينا ألا نتردد من التحدث صراحةً عن أشياء قد تنغِص علينا صداقتنا في المستقبل. الجبن في مثل هذه المسائل مضر. ماذا سيحدث؟ إذا أدركنا عدم إمكانية تفاهمنا، تواعدنا، وافترقنا.. هل هذه مصيبة عظمى؟ ألا تقبل بحقيقة أن كون الشخص وحيدًا في هذه الحياة هو الطبيعي؟ كل التقاربات وشتى أنواع الترابط كاذبة، فالناس يستطيعون الاندماج مع بعضهم إلى حد معين فقط، وما غير هذا فهو تصنع؛ وفي يوم من الأيام وعندما يدركون أخطائهم، يتركون كل شيءٍ ويهربون بسبب يأسِهم. لكن لو أنهم اقتنعوا بما هو ممكنٌ فقط، وتراجعوا عما اعتقدوا في عقلهم بأنه الحقيقة لما كان لهذا أن يحصل. عندما يقبل الكل بما هو طبيعي، لن تبقى أيّة خيبة أمل أو انكسار. كلنا نستحق الأسف والشفقة في حالنا هذا؛ لكنا يجب أن نكون نحن من نشفق على أنفسنا، فالعطف والشفقة على غيرك تعني أنك تعتقد بأنك أقوى منه، وما هو حقنا في أن نرى أنفسنا كبارًا، أو في أن نرى غيرنا بؤساء؟
معنى كل هذا أن النّاس لا يستطيعون أن يقتربوا من بعضهم إلّا إلى حدٍ معين، وبعد ذلك فإن كل خطوةٍ هدفها الإقتراب تبعدهم عن بعضهم أكثر.

أضف تعليق